الصفحة غير موجودة. – مركز المقاصد


404 غير موجودة!

ملخص أحكام الزكاة

مكانة الزكاة والأصل في مشروعيتها:
الزكاة هي أحد أركان الإسلام، ومن أهم مبانيه العظام، قرنها الله سبحانه وتعالى بالصلاة في مواطن كثيرة من كتابه العزيز. والأصل في وجوبها الكتاب والسنة وإجماع الأمة المحمدية. فمن كتاب الله تعالى قوله: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [النور: الآية 56] وقوله: (... وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ) [التوبة: الآية 34-35]. ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت"رواه البخاري ومسلم، وقوله: "ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صُفحت له صفائح من نار ، فأحمي عليها في نار جهنم ، فتكوى بها جنبه وجبينه وظهره ، كلما بردت أُعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد ، فيُرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار" رواه مسلم.

حكم الزكاة:
الزكاة واجبة على كل من تحققت فيه الشروط الآتية:
(1) الإسلام، فلا يطالب بها الكافر وإن كان يحاسب على تركها؛ إذ الكفار على الصحيح مخاطبون بفروع الشريعة.
(2) الحرية، فلا تجب في مال الرقيق (العبد).وتجب في مال المجنون والصغير.
(3) ملك النصاب، وسيأتي تحديد نصاب كل صنف على حدة فإن نقص المال عن النصاب فلا تجب فيه الزكاة إلا في الركاز(وهو ما وجد من دفن الجاهلية).
(4) استقرار النصاب، فلا تجب في حصة المضارب قبل قسمة المال.
(5) مضي الحول، في الأثمان وعروض التجارة وبهيمة الأنعام، أما الحبوب والثمار والخارج من الأرض ونتاج السائمة وربح التجارة والركاز ففيها الزكاة ولو لم يحل الحول.
وبعبارة أخرى تجب على كل مسلم حرٍّ ملك نصاباً ملكاً تاماً وحال عليه الحول، سواء أكان صاحب المال صغيراً أم كبيراً، عاقلاً أم مجنوناً، إلا أن الصغير والمجنون لا يتولى إخراج زكاته بنفسه ولكن يخرجها عنهما وليهما.

الأموال التي تجب فيها الزكاة:
(1) النقدين والأثمان. (ذهب وفضة ونقود).
(2) عروض التجارة.
(3) بهيمة الأنعام.
(4) الخارج من الأرض من الحبوب والثمار. وسيكون التركيز فيما يأتي على الأثمان وعروض التجارة.
نصاب الزكاة في الأثمان وعروض التجارة:
(1) الذهب: نصابه عشرون مثقالاً أي ما يعادل 85 غراماً تقريباً.
(2) الفضة: نصابها مئتا درهم، أي ما يعادل 595 غراماً تقريباً.
(3) النقود: نصابها اختلف فيه والأحوط أن النصاب هو الأحظ للفقراء. ونضرب مثالاً للإيضاح: لو كان سعر غرام الذهب 50 ريالاً، وسعر غرام الفضة ريالاً (1 ريال). فإن اعتبرت الذهب فإنه= 85×50= 4250 ريالاً. وإن اعتبرت الفضة فإنه= 595×1= 595 ريالاً. فيكون اعتبار الفضة أحظ للفقراء، فكل من ملك 595 ريالاً فأكثر فقد ملك النصاب وعليه الزكاة. ومن العلماء من يقيس النصاب بالذهب دون الفضة في الأزمان الحالية؛ لأن ثمن الفضة صار زهيداً، فلا يعد غنياً من ملك 595 ريالاً.

زكاة عروض التجارة:
عروض التجارة هي العروض المعدة للبيع كالسيارات والآلات ومختلف البضائع المعدة للتجارة بها (التي تشترى بنية بيعها والمتاجرة بها وليس بنية استخدامها). فإذا حال على التاجر الحول يقوم البضائع الموجودة عنده كم تساوي بالقيمة السوقية في الوقت الذي وجبت عليه الزكاة فيه وليس بقيمتها يوم اشتراها؛ إذ قد تكون البضاعة ارتفع سعرها فيكون ظلماً للفقير، وقد يكون نقص سعرها فيكون ظلماً للتاجر. ويكون التقويم لأهل بيع التجزئة بسعر التجزئة، ولأهل الجملة بسعر الجملة، وبالسعر المتوسط لمن يبيع بالتجزئة والجملة.
ملحوظة: قد يشتري الرجل السلعة بقصد بيعها والربح فيها، وإن لم يحصل فيها بيع استعملها، والعكس فقد يشتري السلعة ليستعملها فإن لم تناسبه باعها، فمن الذي تجب عليها الزكاة؟
الحد الفاصل في ذلك النية الأصلية فإن كان القصد الأصلي في شرائها هو بيعها والاتجار بها فهي عروض تجارة تجب فيها الزكاة، وإن وجد احتمال استعمالها.
وإن كان القصد الأصلي من شراء السلعة هو استعمالها فلا تجب فيها الزكاة، وإن وجد احتمال بيعها.
وإن اشتراها بقصد الاستعمال ثم بعد سنة نوى بيعها فمن ذلك الحين تعد عروض تجارة لا من حين شرائها. والعكس كذلك فإن اشتراها بقصد التجارة ثم بعد سنة نوى استعمالها فمن ذلك الحين لا تجب فيها الزكاة، وتجب في المدة السابقة.

زكاة الأسهم:
خلاصة القول في زكاة أسهم الشركات المساهمة أن المالك لا يخلو قصده في التملك من أحد أمرين:
(1) أن يقصد بتملكها الاستثمار الطويل والحصول على الأرباح والعوائد، فإن كان في السوق السعودي فلا زكاة على مالك السهم؛ لأن الشركة تدفع الزكاة نيابة عنه.

وإن كان في سوق آخر (كالأسهم الخليجية أو العالمية) لا تلتزم فيه الشركات بالزكاة فيجب عليه سؤال الشركة إن كان لديها هيئة شرعية أو مكتب محاسبي يبين مقدار الزكاة الواجبة فإن لم يكن فعليه تقدير الزكاة بنفسه باحتساب ما تجب فيه الزكاة من الموجودات الحقيقية ولا علاقة هنا للزكاة بالقيمة السوقية. وإن شق عليه ولم يستطيع فإنه يزكي حقوق المساهمين (الملاك) بنسبة 2.5%:
حقوق المساهمين= (إجمالي الأصول- إجمالي الخصوم). والناتج ×2.5%.
(2) أن يقصد بتملك الأسهم المتاجرة أو المضاربة فيها وانتظار ارتفاع أسعارها ثم بيعها، فيشتري اليوم ويبيع غداً وهكذا. فهذا يزكي ما يملك من أسهم زكاة عروض تجارة، فإذا حال عليه الحول ينظر إلى قيمة الأسهم السوقية (وليس الاسمية ولا الحقيقية) ويزكيها زكاة عروض تجارة (2.5%).
قد يفرق بين المستثمر والمضارب بأن من يقصد بيع السهم خلال سنة فهو في حكم المضارب وتجب عليه الزكاة زكاة عروض تجارة، وأما من لا يقصد البيع إلا بعد مدة تزيد عن السنة فهو مستثمر.

صناديق الأسهم الاستثمارية:
الصفة الغالبة على الصناديق الاستثمارية أنها كالمضارب تشتري وتبيع في الأسهم، ولذلك فإن الزكاة الواجبة فيها هي زكاة عروض التجارة كما في القسم رقم (2)، فإذا جاء يوم الحول الذي يخرج فيه الشخص زكاته ينظر إلى قيمة الوحدات التي يملكها ذلك اليوم ويخرج منها 2.5%. وتجدر الإشارة إلى أن الصناديق عادة لا تزكي بل الزكاة موكولة إلى العميل مالك الوحدات.

زكاة الحلي:
اختلف العلماء على قولين في وجوب زكاة الحلي، ويقصد بالحلي الذهب والفضة، أما الأحجار الثمينة والياقوت وغيرها فلا زكاة فيها وإن ارتفع ثمنها:
(1) ليس في الحلي زكاة؛ لأن المقصود منها الاستعمال المباح وليس التجارة فلا يصدق عليها معنى النماء لا حقيقة ولا تقديراً، واستدلوا بأدلة، وضعفوا أدلة القائلين بالوجوب. قال بهذا القول كثير من أهل العلم.
(2) تجب الزكاة في الحلي؛ لعموم الآثار الواردة في زكاة الذهب والفضة، وبحديث صاحبة الأسورتين وغيرها. قال به جمع منهم الشيخ ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله.
تجدر الإشارة إلى أنه في حال الأخذ بالقول بعدم وجوب الزكاة في حلي النساء يجب أن تراعى الضوابط الآتية:
(أ‌) أن يقصد به التزين أما إذا قصد به الادخار وجبت فيه الزكاة.
(ب‌) أن يقصد به الاستعمال في حاجة آنية غير مستقبلية، أما الحاجة المستقبلية كمن يحفظه لزوجته إذا تزوج فتجب فيه الزكاة.
(ت‌) أن يبقى الحلي صالحاً للتزين؛ أما ما كان من الحلي مهشماً أو مكسراً لا يستعمل ففيه الزكاة؛ لأنه غير معد للاستعمال بهذا الشكل.
(ث‌) أن يكون الاستعمال مباحاً، أما إن كان غير مباح فتجب فيه الزكاة، كأن يكون على صورة تمثال أو صنم.
(ج‌) أن تكون الكمية المستعملة في الحلي في حدود الاعتدال والعرف. أما إذا بلغت حد الإسراف وجبت الزكاة فيما زاد عن حد الاعتدال عرفاً.

زكاة الرواتب:
لا تجب الزكاة في الراتب حين استلامه ولكن يضم إلى ما عند الشخص فإن حال الحول وبقي عنده شيء منه زكاه.

زكاة نخيل المنازل:
يغفل بعض الناس الذين لديهم في منازلهم أو استراحاتهم نخيل يبلغ ثمرها نصاباً فلا يزكونها. ونصاب الثمار خمسة أوسق والوسق ستون صاعاً (النصاب= 300 صاع) ويساوي بالكيلو تجوزاً 653كيلو غرام، وقيل 612 كيلو غرام فإذا بلغ التمر نصاباً وجب فيه نصف العشر (5%)؛ لأنه يسقى بمؤنة، وهو الغالب عندنا اليوم، وإن كان يسقى من السماء فيجب فيه العشر (10%)، وإن كان يسقى بعض الحول بمؤنة وبعضه من السماء فيجب فيه ثلاثة أرباع العشر (7.5%).

مصارف الزكاة:
مصارف الزكاة هي الأصناف الواردة في قوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [التوبة: الآية 60]
وتجدر الإشارة إلى الأمور الآتية:
 لا تجوز الزكاة ولا تجزئ على من تجب نفقته على المزكي، فلا يجوز دفعها إلى الابن أو الزوجة أو الأب؛ وضبطها بعض أهل العلم بأن كل شخص يرثه المزكي لو مات ذلك الشخص فإن الزكاة عليه لا تصح.
 والزكاة على القريب أفضل من غيره؛ لأنها زكاة وصلة رحم، والأقربون أولى بالمعروف، بشرط ألا يكون ممن تجب النفقة عليه كما سبق.
 لا تدفع الزكاة لأجير المزكي كالسائق والخادمة؛ احترازاً من اختلاط الزكاة بالأجرة الواجبة.
 يجوز تعجيل الزكاة للمصلحة، كأن تحل بالمسلمين مصيبة، أو يكون بين يدي المسلم محتاج تستدعي حاله التعجيل، فتعجل الزكاة وتخصم من الزكاة الواجبة إذا حال الحول.
 يجوز تأخير الزكاة لحاجة أو مصلحة راجحة، كأن يحول الحول على من وجب عليه الزكاة وليس لديه نقد حاضر يستطيع أن يدفع منه، أو أن تكون عنده سلع معروضة للبيع لا يقدر على بيعها إلا بعد مدة فلا حرج في تأخير الزكاة إلا حين توفر النقد، أو أن يعرف المسلم أحد أقاربه محتاجاً ولا يستطيع تسليمه الزكاة إلا بعد حين أو ما شابه ذلك. وفي أي حال تأخرت فيه الزكاة بعذر شرعي أو بدون عذر فإنها في الذمة لا يبرأ منها المسلم إلا بأدائها، وتكون الزكاة بناء على حساب اليوم الذي وجبت فيه وليس بناء على اليوم الذي صرفت فيه.


كيفية احتساب الزكاة:
يمكن أن يحسب المسلم زكاته بإحدى الطريقتين الآتيتين:
(1) أن يجعل لكل مال يدخل عليه حولاً مستقلاً من حين ملكه لما يبلغ النصاب، فإذا دارت السنة على هذا المال زكى ما هو موجود منه، وهكذا لكل مال يدخل عليه. وعلى سبيل المثال: إذا تسلم راتب شهر محرم فإن حول هذا الراتب في محرم من السنة القادمة، وإذا تسلم راتب شهر صفر فإن حوله في صفر من السنة القادمة، ومثله أي مال يدخل عليه يسجل اليوم الذي تسلم المبلغ فيه وينتظر به حولاً. على أنه يجب التنبه إلى أن المال إذا كان ربح تجارة أو متولداً عن مال زكوي سابق فإنه حوله حول الأصل ولا يحتسب به حولاً مستقلاً. وهذه الطريقة فيها شيء من الصعوبة والمشقة.
(2) أما الطريقة الثانية وهي لمن أراد الراحة فينظر إلى الوقت الذي ملك فيه نصاباً وينتظر إلى أن يحول عليه حول من تاريخ ملكه للنصاب، ويزكي كل ما لديه من مال تجب فيه الزكاة ولو لم يحل عليه الحول، وهكذا في الموعد نفسه من كل سنة يزكي كل ما لديه ويسلم من حساب كل مال على حدة.

مثال تطبيقي للزكاة على الطريقة الثانية:
 حدد لنفسك يوماً للزكاة، وليكن على سبيل المثال 15 رمضان من كل سنة، وبالتالي إذا جاء يوم 15 رمضان من السنة الحالية فعليك بجمع الآتي:
 رصيدك النقدي سواء أكان في حسابات مصرفية أم تحت يدك.
 القيمة السوقية لأسهم المضاربة في ذلك اليوم.
 آخر تقويم لوحدات صناديق الأسهم.
 الذهب والفضة غير المعد لزينة النساء، كالسبائك الذهبية وما شابه ذلك.
 الذهب والفضة المعد للزينة (على قول وجوب الزكاة فيها).
 الديون التي لك عند الغير إذا كان المدين غنياً باذلاً (الديون التي يمكن الحصول عليها خلال السنة نفسها).
 كل ما عرضته للبيع من أرض أو بيت أو مواشٍ أو بضاعة في محل تجاري أو غيرها.
 المجموع لكل ما سبق يخصم منه:
 الديون التي عليك مما تتوقع سدادها خلال السنة نفسها. وعلى سبيل المثال إذا اشتريت منزلاً بالتقسيط بمليون ريال، فإن لا تخصم المليون كاملاً ولكن تخصم ما ستدفعه خلال السنة الحالية (مبلغ القسط × 12).
الناتج النهائي مما سبق بعد خصم الديون هو الزكاة الواجب إخراجها.

وختاماً أذكر الإخوة جميعاً أن يعظموا شعائر الله وأن يؤدوها كما أمرهم بها ربهم، وأن يعلموا أن المال مال الله يقسمه بين عباده ليبتليهم أيهم أحسن عملاً، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
تقبل الله من الجميع الصيام والقيام وصالح الأعمال. والله تعالى أجل وأعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

...